القرفة: من عبق الأسواق إلى المختبرات الطبية

القرفة أكثر من مجرد نكهة… إنها علاج قديم ودواء حديث. اكتشف فوائدها في تنظيم السكر، تخفيف الألم، وتحسين الهضم، مع التحذيرات الهامة للاستخدام.

القرفة: من عبق الأسواق إلى المختبرات الطبية
القرفة للدورة، السكر، والتهاب المفاصل


رائحتها تعيدنا إلى ذكريات الأمهات في المطبخ، وطعمها الحلو المرّ يُرافقنا في الشتاء الدافئ… لكنها لم تكن يومًا مجرد نكهة. "القرفة" أو "الدارسين" نبتة لها تاريخ طويل في الطب القديم، وجدل علمي متجدد في الأبحاث الحديثة. في هذا المقال، نُبحر بين أصولها التاريخية وفوائدها العلمية لنكشف ما وراء القشرة العطرية.

الجذور التاريخية والهوية الشعبية: الاسم العلمي والعامي للعشبة

الاسم العلمي:

  • Cinnamomum verum (القرفة السيلانية)
  • Cinnamomum cassia (القرفة الصينية)

الأسماء العامية:

  • القرفة، دارسين، قرفة سيلانية، قرفة صينية
  • تُعرف في السعودية والخليج باسم "دارسين"، بينما يشيع استخدام "قرفة" في مصر وبلاد الشام.

الأصول التاريخية واستخدامات الطب الشعبي

القرفة من أقدم النباتات التي استُخدمت في الطب والتجارة، إذ وُثقت في النقوش الفرعونية، وكانت من أغلى المواد في طرق التوابل بين الهند والعالم العربي.

  • في الطب العربي القديم: استُخدمت لعلاج البرد، تعزيز الدورة الدموية، وتقوية القلب.

  • في الطب الصيني التقليدي: وُصفت لعلاج الروماتيزم، الإمساك، والبرد الداخلي.

  • في الأيورفيدا: عُرفت كمنشط للجهاز الهضمي، ومضاد لارتفاع السكر.

  • في الطب الأوروبي الشعبي: كانت تُستعمل كمطهر، ومضاد للعدوى، ومُحفز للدورة الشهرية.

الاستخدامات الشائعة في المجتمعات

  • في الخليج العربي: تُستخدم القرفة المغلية مع الزنجبيل أو الحليب لعلاج الزكام والآلام النسائية.

  • في مصر: تُشرب القرفة الساخنة مع العسل كمنشط عام.

  • في الهند: تُستخدم في خلطات الهضم والعلاج من نزلات البرد.

  • في أوروبا: تُضاف إلى الشاي والمخبوزات كمضاد أكسدة طبيعي ومهدئ.

التحليل العلمي الحديث

تحتوي القرفة على مركبات فعالة، أهمها:

  • Cinnamaldehyde: المركب الأساسي الذي يمنحها الرائحة والنكهة، ويُظهر خصائص مضادة للميكروبات والالتهابات.

  • Eugenol: مضاد طبيعي للألم.

  • Tannins و Polyphenols: مضادات أكسدة قوية.

  • القرفة السيلانية أقل في مادة الكومارين الضارة مقارنة بالقرفة الصينية.

طرق الاستخدام الفعالة تشمل الغلي، النقع، والمسحوق الجاف، بالإضافة إلى المستخلص الكحولي أو الزيتي.

الاستخدامات الطبية الموثقة بدراسات

  • خفض مستويات السكر في الدم: وجدت دراسة في Diabetes Care أن القرفة حسّنت استجابة الإنسولين وخفّضت الجلوكوز التراكمي عند مرضى السكري من النوع الثاني.

  • مضادة للبكتيريا والفطريات: ثبت أن زيت القرفة يثبط نمو البكتيريا مثل E. coli وCandida albicans.

  • تحفيز الدورة الدموية: أشارت دراسات إلى أن القرفة تُحسّن تدفق الدم وتُقلل من التقلصات العضلية.

  • تخفيف آلام الدورة الشهرية: دراسة إيرانية بيّنت أن تناول كبسولات القرفة ساهم في تقليل الألم والتشنج لدى الفتيات خلال الأيام الأولى من الدورة.

  • دعم صحة القلب: القرفة تساهم في خفض الدهون الثلاثية والكوليسترول الضار.

التحذيرات والجرعات والتداخلات الدوائية

  • الآثار الجانبية: الإفراط في تناول القرفة الصينية قد يسبب تلفًا للكبد بسبب ارتفاع نسبة الكومارين.

  • الجرعة اليومية الآمنة: من 1 إلى 2 غرام من القرفة السيلانية المطحونة، أو كوب واحد منقوع يوميًا.

  • التداخلات الدوائية:

    • قد تتداخل مع أدوية خفض السكر مثل الميتفورمين.

    • لا يُنصح باستخدامها مع مميعات الدم مثل الأسبرين أو الوارفارين.

الأعشاب المرافقة الشائعة

  • الزنجبيل: يُستخدم معه لتسكين الألم وتحسين الدورة الدموية.

  • القرنفل: يُعزز التأثير المضاد للميكروبات.

  • الشمر واليانسون: تُستخدم مع القرفة لتخفيف التقلصات وتحسين الهضم.

طريقة الاستخدام

الاستخدام الداخلي

  • مغلي القرفة: تُغلى عود قرفة أو ملعقة صغيرة من القرفة المطحونة في كوب ماء لمدة 5 دقائق، وتُشرب دافئة بعد الأكل.

  • منقوع القرفة مع العسل: يُخلط منقوع القرفة مع ملعقة صغيرة من العسل ويُشرب صباحًا لتنشيط الدورة الدموية.

  • كبسولات القرفة: تؤخذ حسب الإرشادات الطبية لمرضى السكر أو لتقليل الالتهاب.

الاستخدام الخارجي

  • زيت القرفة: يُخفف بزيت حامل ويدلّك به على المفاصل أو الصدر لتحسين الدورة أو تسكين الألم.

  • معجون القرفة: يُستخدم موضعيًا على الجلد كمضاد للفطريات، لكن يجب الحذر لتجنّب التهيج.

تحذيرات عامة

  • لا يُستخدم بكميات علاجية أثناء الحمل.

  • لا يُنصح باستخدام القرفة الصينية بجرعات يومية عالية دون استشارة طبية.

في قشرة خشبية صغيرة، تحمل القرفة تاريخًا من العلاجات القديمة وأبحاث الطب الحديث. ومع أن فوائدها متعدّدة، إلا أن التمييز بين أنواعها، وضبط الجرعة، ومعرفة السياق العلاجي المناسب، هو ما يجعل من استخدامها قرارًا واعيًا، لا مجرّد عادة تقليدية.